مختارات
مَنْ فَارَقَ الدَّلِيلَ ضَلَّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ

قَالَ...أَحَالَكَ عَلَى غَيْرِ «أَخْبَرَنَا» وَ«حَدَّثَنا» فَقَدْ أَحَالَكَ: إِمَّا عَلَى خَيَالٍ صُوفِيٍّ أَوْ قِيَاسٍ فَلْسَفِيٍّ، أَوْ رَأْيٍ نَفْسِيٍّ، فَلَيْسَ بَعْدَ القُرْآنِ وَ«أَخْبَرَنَا» وَ«حَدَّثَنَا» إِلاَّ شُبُهَاتُ المُتَكَلِّمِينَ، وَآرَاءُ المُنْحَرِفِينَ وَخَيَالاَتُ المُتَصَوِّفِينَ وَقِيَاسُ المُتَفَلْسِفِينَ، وَمَنْ فَارَقَ الدَّلِيلَ ضَلَََّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَلاَ دَلِيلَ إِلَى اللهِ وَالجَنَّةِ سِوَى الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَكُلُّ طَرِيقٍ لَمْ يَصْحَبْهَا دَلِيلُ القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، فَهِيَ مِنْ طُرُقِ الجَحِيمِ وَالشَّيْطَانِ ِالرَّجِيمِ»[«مدارج السّالكين» لابن القيّم: (2/ 46]

العبرة بما قام عليه الدليل من الآراء المختلفة

العبر...سم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾،نسمع ونقرأ لمن يقول الاختلاف في الآراء رحمة والآخر يقول الأخذ بالخلاف فيه تيسير على الناس. ونقول لهؤلاء:أولاً: الله عزَّ وجلَّ يقول: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ﴾، والرد إلى الله هو الرد إلى القرآن والرد إلى الرسول هو الرد إلى السنة ويتولى ذلك العلماء المتخصصون، ونقول.ثانياً: إن اليسر والسهولة فيما شرع الله في كتابه وسنة رسوله. وأما الأخذ بالآراء المخالفة للكتاب والسنة فهو مهلكة قال الله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ .يقول بعض العلماء: وليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلاف له حظ من النظرثالثاً: نقول الأخذ بالأقوال التي لا دليل عليها يعتبر من اتخاذ الأرباب من دون الله - قال تعالى عن النصارى ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾، ولما سمع عدي بن حاتم رضي الله عنه هذه الآية قال يا رسول الله إنا لسنا نعبدهم قال ﷺ: (أليسوا يحلّون ما حرَّم الله فتحلّونه ويحرِّمون ما أحلَّ الله فتحرِّمونه قال: بلى. قال فتلك عبادتهم).وهناك من يقول إن الوقت الآن قد اختلف فلا يناسبه إلا الأخذ بالآراء التي توافق أهواء أهل هذا العصر - وهذا القول معناه أن الشريعة غير صالحة لكل زمان ومكان ولا أن شريعة الله عامة للأولين وللآخرين إلى أن تقوم الساعة والرسول ﷺ يقول: (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي). ونسمع من يقول: إن الخلاف رحمة - فنقول الرحمة هي بالاجتماع وليست في الاختلاف والله تعالى يقول: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ) ، ويقول ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) ، ويقول جلَّ وعلا: ﴿وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ﴾، وهم الذين لم يختلفوا فإن الله قد رحمهم.قال الإمام مالك: (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها)، فلا نجاة إلا بالاعتصام بالكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة في كل زمان ومكان، وفَّق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح.وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.كتبة : صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء 27 / المحرم / 1436 ه

جواب الشيخ محمد بازمول عن شبهة خطيرة تدور بين السلفيين

ج... السلفيينسؤال : اليوم أصبحت هناك شبهة خطيرة تدور بين السلفيين، يقولون: " كلما وثقنا في شيخ سلفي مزكى من العلماء لأجل ثقتنا بعلمه ﻻ لتعلقنا بشخصه يسقط فجأة، وﻻ نعلم ما السبب حتى نحتاط من أخطائه ومكتباتنا الشخصية في المنازل كلما ملأنها بكلام المشايخ أفرغناها مرة أخرى".فكيف يكون الرد على هذه الشبهة التي قد تصبح كالعدوى حتى تهتك بالسلفيين ويتسلط عليهم الشيطان؟ وما نصيحتكم لأبنائك السلفيين.الجواب : هذا الواقع الذي وصفه السائل موجود، وأشعر به، ولعل مما يحقق مراد السائل ويوضح الأمر ذكر ما يلي:أولاً : ليس معنى السلفية والانتساب إليها أن لا يقع السلفي في أخطاء، سواء كان طالب علم صغير، أم كان عالما كبيراً، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون".ثانياً : ليس كل خطأ يعامل صاحبه معاملة أهل البدع، وهذه قضية هامة جداً، ومحل فرق بين السلفيين والمتشددة في هذا الباب، ومنهم الحدادية، فإنه مما ينكر عليهم عدم التفريق بين الخطأ يقع فيه السلفي والخطأ يقع فيه صاحب البدع والهوى، ويعاملونهما معاملة واحدة عندهم! فإن صاحب السنة يناصح ويوجه والظن فيه قبول الحق والرجوع إليه. وهذا ليس ضعفا و لا خواراً بل هو شجاعة أدبية يدين المسلم بها نفسه لربه، فإن الحق أحق أن يتبع!ثالثاً : ليس معنى السلفية أن لا يحصل اختلاف بين السلفيين في مسائل العلم الاجتهادية، وهذا أمر واقع الصحابة يدل عليه، وليس معنى كون السلفي يتبع الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح أن لا يقع اختلاف في المسائل الاجتهادية، وهؤلاء الأئمة الأربعة من أئمة أتباع السف الصالح حصل بينهم من الاختلاف في مسائل العلم الاجتهادية ما هو معلوم ومعروف!رابعاً : ليس معنى السلفية أن لا يقع السلفي في أمراض القلوب من الشهوات الخفية، كمحبة الظهور والتعنت مع إخوانه. والحال أن المسلم مرآة أخية المسلم، فيناصح ويوجه ، والله المستعان.خامساً : ليس من منهج السلف الصالح الإلزام باتباع قول أحد، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. خاصة في المسائل الاجتهادية.سادساً : قد يتكلم عالم سلفي في آخر سلفي، ويستطيل عليه بسبب قصور ما، و لا يعني ذلك إسقاطه، والموقف من ذلك هو إحسان الظن، فنعتقد أن كلام ذلك العالم نتيجة اجتهاد رآه، هو فيه بين أجرين إن أصاب، وأجر إن أخطأ.سابعاً : إذا تكلم أحد في من عرفت عدالته وثقته لا يقبل القول فيه إلا ببيان السبب وتفسير الجرح، فلا يعامل معاملة من هو متكلم فيه أصلاً، أو معاملة من لا تعرف ثقته وعدالته.ثامناً : إحسان الظن مقدّم فلا تظنن بأخيك المسلم سوءاً وأنت ترى له في الخير محملاً.تاسعاً : لا تقديس للأشخاص. والسائل جزاه الله خيراً تنبه لهذا في قوله: "ﻻ لتعلقنا بشخصه".عاشراً : ما كل أحد تكلم فيه يسقط، وما كل كلام في أحد يعد جرحاً.الحادي عشر : ليس من السلفية الإلحاح على حصول التزكيات من العلماء والسعي وراءها. فالمسلم يزكيه علمه وعمله قبل كل شيء، فالأرض لا تقدس أحداً، والنسب لا يقدس أحدا، و الكلام في جرح الناس لا يقدس أحداً.الثاني عشر : ليس من السلفية الفرح بعيب الناس وتجريحهم والسعي فيه لغير حاجة، وعلى طالب العلم تجنب الخوض فيه، وترك الأمر بيد أهل العلم، فلا يتسبب في إشعال الفتنة، و قدح أوارها، بل يخمد الفتنة باعتزاله نارها، بالصبر والظن الحسن وأن يوكل الأمر لأهل العلم. والله الموفق من صفحة الشيخ على الفايسبوك

منهج السلف في الإنكار على ولاة الأمر

منهج ...شيخ د.حمد الهاجريالحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه،أما بعد: فقد حصل إشكال بين بعض الإخوة في فهم كلام أهل العلم في الإنكار العلني، فكتبت هذه المقالة عسى أن يكون فيها حلا لما أشكل فهمه عليهم، والله أسأل التوفيق والسداد.أولا: وجوب مناصحة ولاة الأمور:  النصيحة لولاة الأمر حق من حقوقهم، وواجب شرعي على رعيتهم لهم، ومما يدل على ذلك:1- قال الله تعالى( ولتكن منكم أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون). آل عمران: 104. 2- عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:" الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلنَا: لِمَنْ؟ قال: وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ". رواه مسلم. 3- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا فيرضى لكم: أن تعبدوه و لا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ويكره لكم: قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال". رواه مسلم. ثانيا: كيفية إنكار المنكر على ولاة الأمر:إذا وقع ولي الأمر في منكر، فلا يخلو الإنكار من أمرين:الأمر الأول: أن ينكر المنكر بدون ذكر الفاعل: يجب إنكار المنكرات والمعاصي إذا ظهرت بين الناس علانية، دون ذكر للفاعل، سواء كان فاعلها ولي أمره أو غيره، فينكر تحكيم القوانين الوضعية والربا والظلم وشرب الخمر وغيرها؛ لما جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". رواه مسلم (177).قال الشيخ عبدالعزيز بن باز في مجموع فتاويه(8 /210):"أما إنكار المنكر بدون ذكر الفاعل: فينكر الزنى وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله، فذلك واجب؛ لعموم الأدلة. ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر من فعلها لا حاكما ولا غير حاكم". وقال الشيخ عبدالمحسن العباد في مقاله(حقوق ولاة الأمر المسلمين النصح والدعاء لهم والسمع والطاعة في المعروف): "وإذا ظهرت أمور منكرة من مسئولين في الدولة أو غير مسئولين سواء في الصحف أو في غيرها فإن الواجب إنكار المنكر علانية كما كان ظهوره علانية".الأمر الثاني: أن ينكر على فاعل المنكر- وهو ولي الأمر هنا -: فالواجب أن ينكر على ولاة الأمر بالطريقة الشرعية، وذلك بأن ينكر عليهم برفق سرا لا علانية أمام الناس.ومما يدل على ذلك:1- عن شريح بن عبيد الحضرمي قال: "جلد عياض بن غنم صاحب دارا حين فتحت، فأغلظ له هشام بن حكيم القول حتى غضب عياض، ثم مكث ليالي فأتاه هشام بن حكيم فاعتذر إليه، ثم قال هشام لعياض: ألم تسمع النبي  يقول: (إن من أشد الناس عذابا أشدهم عذابا في الدنيا للناس)، فقال عياض بن غنم: يا هشام قد سمعنا ما سمعت ورأينا ما رأيت، أو لم تسمع رسول  يقول: (من أراد أن ينصح لسلطان بأمر فلا يبد له علانية، ولكن ليأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه). وإنك يا هشام لأنت الجريء إذ تجترئ على سلطان الله، فهلا خشيت أن يقتلك السلطان فتكون قتيل سلطان الله تبارك وتعالى؟". أخرجه أحمد وابن أبي عاصم في كتاب السنة، وصححه الحاكم والألباني، وجوده ابن باز. 2- عن أبي وائل قال: قيل لأسامة بن زيد: لو أتيت عثمان فكلمته، قال: إنكم لتـُرَوْنَ أني لا أكلمه إلا أسمعكم، إني أكلمه في السر، دون أن أفتح باباً لا أكون أول من فتحه. أخرجه البخاري ومسلم.قال النووي رحمه الله موضحا قصد أسامة في شرح مسلم 18/160: "قوله “أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من افتتحه” يعنى المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ، كما جرى لقتلة عثمان رضي الله عنه".قال الحافظ ابن حجر في الفتح(13/51) قال المهلّب : أرادوا من أسامة أن يكلم عثمان.... فقال أسامة : ( قد كلمته سراً دون أن أفتح بابًا ) أي : باب الإنكار على الأئمة علانية، خشية أن تفترق الكلمة ثم قال الحافظ- وقال عياض: مراد أسامة: أنه لا يفتح باب المجاهرة بالنكير على الإمام؛ لما يخشى من عاقبة ذلك، بل يتلطّف به، وينصحه سرًا، فذلك أجدر بالقبول) .ا.هـوقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في تحقيقه لمختصر صحيح مسلم:" يعني المجاهرة بالإنكار على الاْمراء في الملأ لأن في الإنكار جهارأ ما يخشى عاقبته، كما اتفق في الإنكار على عثمان جهارأ إذ نشأ عنه قتله".3- عَن سعيد بْن جبير قَالَ قلت لابن عَبَّاس آمر إمامي بالمعروف قَالَ:" إن خشيت أن يقتلك فلا، فإن كنت ولا بد فاعلا ففيما بينك وبينه، ولا تغتب إمامك". رواه سعيد بن منصور في سننه، وأخرج نحوه ابن أبي شيبة.4- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:" أيتها الرعية إن لنا عليكم حقا: النصيحة بالغيب، والمعاونة على الخير". أخرجه هناد في الزهد 2/602.5- روى الإمام أحمد عن سعيد بن جمهان قال: أتيت عبد الله بن أبي أوفى وهو محجوب البصر، فسلمت عليه، قال لي: من أنت؟ فقلت: أنا سعيد بن جمهان. قال: فما فعل والدك؟ قال: قلت: قتلته الأزارقة. قال: لعن الله الأزارقة، لعن الله الأزارقة، حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كلاب النار. قال: قلت: الأزارقة وحدهم أم الخوارج كلها؟ قال: بلى الخوارج كلها. قال: قلت: فإن السلطان يظلم الناس ويفعل بهم. قال: فتناول يدي فغمزها بيده غمزة شديدة، ثم قال:ويحك يا ابن جمهان عليك بالسواد الأعظم، عليك بالسواد الأعظم، إن كان السلطان يسمع منك فائته في بيته، فأخبره بما تعلم، فإن قبل منك، وإلا فدعه، فإنك لست بأعلم منه". رواه أحمد والطبراني، وحسنه الألباني في تخريج السنة 2/523.6- ثبت عن عبد الله بن عكيم أنه قال: لا أعين على دم خليفة أبداً بعد عثمان. فيقال له: يا أبا معبد أو أعنت على دمه ؟ فيقول: إني أعد ذكر مساويه عوناً على دمه". أخرجه ابن سعد في طبقاته 6/115، والفسوي في المعرفة والتاريخ 1/231-232، وصححه عبدالسلام بن برجس في معاملة الحكام 88. قال الإمام المجدد المصلح محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – كما في الدرر السنية (9/121):" والجامع لهذا كله: أنه إذا صدر المنكر من أمير أو غيره أن ينصح برفق خفية ما يشترف – أي ما يطلع عليه - أحد، فإن وافق وإلا استلحق عليه رجلاً يقبل منه بخفية، فإن لم يفعل فيمكن الإنكار ظاهراً، إلا إن كان على أمير ونصحه ولا وافق، واستلحق عليه ولا وافق، فيرفع الأمر إلينا خفية ".وقال العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله في الرياض الناضرة 50:" على من رأى منهم ما لا يحل ,أن ينبههم سراً لا علناً بلطف وعبارة تليق بالمقام".وقال العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله في مجموع فتاواه (7 / 306):( فالنصح يكون بالأسلوب الحسن والكتابة المفيدة والمشافهة المفيدة, وليس من النصح التشهير بعيوب الناس, ولا بانتقاد الدولة على المنابر ونحوها, لكن النصح أن تسعى بكل ما يزيل الشر ويثبت الخير بالطرق الحكيمة وبالوسائل التي يرضاها الله عز وجل). وقال الشيخ عبدالمحسن العباد في مقاله(حقوق ولاة الأمر المسلمين النصح والدعاء لهم والسمع والطاعة في المعروف):" ومن حقوق ولاة الأمر المسلمين على الرعية النصح لهم سراً وبرفق ولين والسمع والطاعة لهم في المعروف". استثناء من الأصل:الأصل أن ينكر على ولاة الأمر برفق سرا لا علانية أمام الناس، للأدلة السابقة.ولكن يستنى من هذا الأصل: جواز الإنكار على ولي الأمر علانية، بشرطين:1- أن يكون أمام ولي الأمر لا بغيابه.2- أن تتحقق مصلحة في ذلك.ومما يدل على هذا الاستثناء: قصة أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مع مروان أمير المدينة لمّا قدّم الخطبة على صلاة العيد، فأنكر عليه أبو سعيد. رواه البخاري برقم 956. والسبب في ذلك: أنه أراد بهذا الإنكار أن يثنيه عن منكر يريد فعله الآن أمام الناس، فالإنكار في هذا الموضع لا يحتمل التأخير.قال النووي رحمه الله عند أثر أسامة السابق في شرح مسلم 18/160: " وفيه الأدب مع الأمراء واللطف بهم، ووعظهم سراً وتبليغهم ما يقول الناس فيهم لينكفوا عنه، وهذا كله إذا أمكن ذلك، فإن لم يمكن الوعظ سراً والإنكار، فليفعله علانية لئلا يضيع أصل الحق".و قال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في لقاءات الباب المفتوح 3/353-359 :"ولكن يجب أن نعلم أن الأوامر الشرعية فيمثل هذه الأمور لها محال، ولا بد من الحكمة، فإذا رأينا أن الإنكار علنا يزول به المنكر والشر ويحصل به الخير فلننكر علنا، وإذا رأينا أن الإنكار لا يزول به الشر، ولا يحصل به الخير، بل يزداد بغض الولاة للمنكرين وأهل الخير، فإن الخير أن ننكر سرا، وبهذا تجتمع الأدلة، فتكون الأدلة الدالة على أن الإنكار يكون علنا فيما إذا كنا نتوخى فيه المصلحة، وهي حصول الخير وزوال الشر، والأدلة الدالة على أن الإنكار يكون سرا فيما إذا كان إعلان الإنكار يزداد به الشر ولا يحصل به الخير ..الواجب أن نناصح ولاة الأمور سرا  كما جاء في النص الذي ذكره السائل.ونحن نقول: النصوص لا يكذب بعضها بعضا، ولا يصادم بعضها بعضا.فيكون الإنكار معلنا عند المصلحة، والمصلحة هي أن يزول الشر ويحل الخير، ويكون سرا إذا كان إعلان الإنكار لا يخدم المصلحة، أي:لا يزول به الشر ولا يحل به الخير".فهنا اشترط الشيخ لجواز الإنكار العلني أمام ولي الأمر تحقق المصلحة.ثم سئل الشيخ محمد بن عثيمين في نفس الجلس:فضيلة الشيخ هل يعني كلامكم السابق في مسألة الإنكار على الولاة أنه لا يجوز إنكار المنكرات الموجودة في المجتمع علنا ؟الجواب: لا. نحن نتكلم عن الإنكار على الولاة وليس في إنكار المنكرات الشائعة...فأقول: إن إنكار المنكرات الشائعة مطلوب ولا شيء في ذلك، ولكن كلامنا على الإنكار على الحاكم.مثل أن يقوم إنسان في المسجد ويقول مثلا: الدولة ظلمت، الدولة فعلت، فيتكلم في الحكام بهذه الصورة العلنية، مع أن الذي يتكلم عليهم غير موجودين في المجلس.وهناك فرق بين أن يكون الأمير أو الحاكم الذي تريد أن تتكلم عليه بين يديك وبين أن يكون غائبا، لأن جميع الإنكارات الواردة عن السلف كانت حاصلة بين يدي الأمير أو الحاكم، الفرق أنه إذا كان حاضرا أمكنه أن يدافع عن نفسه، ويبين وجهة نظره، وقد يكون مصيبا ونحن المخطئون، لكن إذا كان غائبا لم يستطع أن يدافع عن نفسه وهذا من الظلم، فالواجب أن لا يتكلم على أحد من ولاة الأمور في غيبته، فإذا كنت حريصا على الخير فاذهب إليه وقابله وانصحه بينك وبينه".وفي هذا الكلام اشترط الشيخ للإنكار العلني على ولاة الأمر أن يكون أمامه لا بغيابه.--منقول من صفحة الشيخ حمد الهاجري حفظه الله

الصبر في طلب العلم

قا...ليَّ حديثاً كثيراً (يقصد شيخه البخاري) فخاف ملالي طب نفساً فإنَّ أهل الملاهي في ملاهيهم، وأهل الصناعة في صناعتهم والتجار في تجارتهم " . 

وظيفة علماء الشرع

 وظ...هيميُّ رحمه الله  إنَّ علماءَ القرونِ المتأخّرةِ رَكِبتهم عادةٌ من الزَّهوِ الكاذبِ والدعوى الفارغة فَجَرَّتهم إلى آدابٍ خصوصيةٍ، منها أنّهم يَلزَمون بيوتَهم أو مساجدَهم كما يلزمُ التاجرُ متجرَه وينتظرون أن يأتيَهم النّاسُ فيُعلموهم، فإذا لم يأتهم أحدٌ تسخّطوا على الزمانِ وعلى النّاس ويتوكَّؤون في ذلك على كلمةٍ إن صدقتْ في زمان، فإنها لا تصدقُ في كلِّ زمان وهي  إنّ العلم يُؤتى ولا يأتي وإنّما تصدقُ هذه الكلمةُ في علمٍ غيرِ علمِ الدِّين وإنّما تصدقُ بالنسبة إليه في جيلٍ عرف قيمةَ العلمِ فهو يسعى إليه أما في زمننا وما قبله بقرون فإنّ التعليمَ والإرشادَ والتذكيرَ أصبحت بابًا من أبواب الجهاد  والجهادُ لا يكون في البيوت وزوايا المساجد وإنما يكون في الميادين حيث يلتقي العدوُّ بالعدوِّ كفاحًا وقد قال لي بعض هؤلاء، وأنا أحاوره في هذا النوع من الجهاد، وأعتب عليه تقصيره فيه إن هذه الكلمة قالها مالك للرشيد  فقلت له : إن هذا قياس مع الفارق في الزمان والعالم والمتعلم، أما زمانك هذا فإن هذه الخَلَّة منك ومن مشائخك ومشائخهم أدَّت بالإسلام إلى الضياع وبالمسلمين إلى الهلاك فالشبهات التي ترد على العوام لا تجد من يطردها عن عقولهم ما دام القسيسون والأحبار أقربَ إليهم منكم، وأكثرَ اختلاطًا بهم منكم، والأقاليم الإفرنجية تغزو كل يوم أبنائي وأبناءك بفتنةٍ لا يبقى معها إيمانٌ ولا إصلاحٌ ففي هذا الزمن يجب عليَّ وعليك، وعلى أفراد هذا الصنف: *أن نتَجَنَّد لدفع العوادي عن الإسلام والمسلمين*، حتى يأتينا الناس، فإنهم لا يأتوننا وقد انصرفوا عنّا وليسوا براجعين وإذا كان المرابطون في الثغور يقفون أنفسهم لصدِّ الجنودِ العدوَّة المغيرة على الأوطان الإسلامية، *فإن وظيفة العلماء المسلمين أن يقفوا أنفسهم لصدِّ المعاني العدوَّة المغيرة على الإسلام وعقائده وأحكامه*، وهي أفْتكُ من الجنود؛ لأنها خفية المَسَارِب، غرَّارة الظواهر، سهلةُ المداخل إلى النفوس، تأتي في صورةِ الضيف فلا تلبث أن تطرد ربَّ الدار   آثار محمد البشير الإبراهيمي ٤ /١١٧

صفحات مهمة
القائمة البريدية
أدخل بريدك الإلكتروني
موقع متخصص في نشر المحاضرات والدروس العلمية , كلمات إرشادية , نصائح علمية.
جميع الحقوق محفوظة لموقع الجواب الكافي 2020